-->
أ.م.عبدالجبار حسين الظفري أ.م.عبدالجبار حسين الظفري

recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

أياك والسخرية أو الإستهزاء بمصائب الناس

 #إياك_السخرية_من_إبتلاء_الناس
#حتى_لا تدور_عليك_الدوائر ..
إياك والسخرية أو الإستهزاء بمصائب الناس

بقلم.عبدالجبار الظفري



إعلم أنه إذا أحب الله عبداً إبتلاه
أغلب الناس قد يجدون في مصائب الآخرين فرصة للسخرية منهم وهذا السلوك غير نبيل ولا أخلاقي البته، ولا ينبغي على الشخص أن يستغل المصائب ويجعلها هدف له للسخرية، كما أن كثير من الناس يشتكون من تتالي مصائبهم ووصف حياتهم بأنها مجموعة متسلسلة من المصائب والآلام، وهذا ما يُضعِف قدرة الشخص على أن يصبر على مصيبته ويُقوّي الآخرين على السخرية منه لعدم تحمله المصائب وكيفية التعامل معها.

قال ابن سيرين رحمه الله: «عَيَّرتُ رجلاً، وقلتُ: يا مفلِس، فأفلستُ بعد أربعين سنة».

لا تسخر على الناس إطلاقاً إذا رئيت فيهم مبتلى سوئاً كان نوع ذلك الإبتلاء في مشاكل أسرية أوفقر أو أولاد أو زوجة  أو علم أو صحة أو جهاه أو سلطان أو عرض أو شرف أو غنى أو جنون أو بذخ أو ترف أو لباس ... إلخ
دع الخلق للخالق وقل دائما ( لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) وقل أيضا (الحمد الله الذي عافني مما إبلى به كثيراً من خلقه وفضلني عليهم تفضيلا)
كف لسانك عنهم ودع الناس في حالهم و أحوالهم ولا تشغل نفسك بهم، لا تسخر منهم ولا تسخر عليهم، إمنع أذاك عنهم  وغرد في سربك حراً أريباً.
لا تدخل في أعراضهم ولا تحد لسانك بالغيبة والنميمه عنهم، لا تغضب المولى سبحانه وتعالى في حكمته بين مخلوقاته لا تذكرهم بما يسوئهم، عطل لسانك عن الغوص فيما لا يعنيك.
هل تستوع أن الكون سيرد لك القصاص بالمثل وربما يضعك في ما تسخر منه على الناس لا تأمن مكر الله تعالى في ما تسخر وتغتاب وتنم به عباد الله.
إياك أن تأمن غدر الزمان فربما يعافيهم الله ويبتليك، غض طرفك ولسان عن الخلق وأشغل نفسك في نفسك، إلتهي بحالك عن حالهم ولا تشهر بالناس ولا تقدح في شئونهم، وكرر دائما، إنا لله وإنا إليه لراجعون.

- إن السخرية بالمسلم محرمة في الشرع، كما قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].

- وقال سبحانه (في سورة الهمزة):  وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ  الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ  يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ  كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ  
(وَيْلٌ أي: وعيد، ووبال، وشدة عذاب لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ الذي يهمز الناس بفعله، ويلمزهم بقوله، فالهماز: الذي يعيب الناس، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل، واللماز: الذي يعيبهم بقوله).
- ولقد سجل القرآن الكريم عاقبة الساخرين والمستهزئين من المؤمنين، وأخبر بانعكاس الوضعية يوم القيامة بصورة يصبح الساخرون موضع سخرية واستهزاء من طرف عباده المستضعفين في هذه الدنيا، قال الحق سبحانه:
إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ  وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ  وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ  وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ  وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ  فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ   

- وقد أخبرنا الله عز وجل أنَّه يسخر من المنافقين، مقابلة لسخريتهم ومجازاة عليها، فقال تعالى:  الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.

- أسباب السخرية:
1- الكِبْرُ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( الكِبْر بطرُ الحقِّ وغمطُ الناس )).
2- الرغبة بتحطيم مكانة الآخرين.
3- التسلية والضحك على حساب آلام الآخرين.
4- الاستهانة بأقوال الآخرين وأعمالهم، أو خلقتهم، أو طبائعهم، أو أسرهم، أو أنسابهم، إلى غير ذلك.
5- الفراغ وحب إضحاك الآخرين.

-أقوال السلف والعلماء في السخرية والاستهزاء:

- عن عبد الله بن مسعود قال: (لو سخرت من كلب، لخشيت أن أكون كلبًا، وإني لأكره أن أرى الرجل فارغًا؛ ليس في عمل آخرة ولا دنيا).
- وقال أبو موسى الأشعري: (لو رأيت رجلًا يرضع شاة في الطريق فسخرت منه، خفت أن لا أموت حتى أرضعها).
- وعن الأسود، قال: كنا عند عائشة فسقط فسطاط على إنسان فضحكوا، فقالت عائشة: لا سخر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة)).
- وقال إبراهيم النخعي: (إني لأرى الشيء أكرهه؛ فما يمنعني أن أتكلم فيه إلا مخافة أن أبتلى بمثله).- وقال عمرو بن شرحبيل: (لو رأيت رجلًا يرضع عنزًا فسخرت منه، خشيت أن أكون مثله).
- وقال يحيي بن معاذ: (ليكن حظ المؤمن منك ثلاثًا: إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه).- وقال القرطبي: (من لقب أخاه أو سخر منه فهو فاسق).
- وقال السفاريني: (إن كل من افتخر على إخوانه واحتقر أحدًا من أقرانه وأخدانه أو سخر أو استهزأ بأحد من المؤمنين، فقد باء بالإثم والوزر المبين).
- وقال ابن حجر الهيتمي: (لا تحتقر غيرك عسى أن يكون عند الله خيرًا منك، وأفضل وأقرب).
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن عيَّر أخاه بذنبٍ [قد تاب منه]، لم يَمُت حتى يعمَله)).

- آثار السخرية:
يقول عبدالله بن المبارك رحمه الله: «مَن استخفَّ بالعلماء ذهبَت آخرتُه، ومَن استخفَّ بالأمراء ذهبَت دنياه، ومَن استخفَّ بالإخوان ذهبَت مروءتُه».
1- السخرية والاستهزاء تقطع الروابط الاجتماعية القائمة على الأخوة، والتواد، والتراحم.
2- تبذر بذور العداوة والبغضاء، وتورث الأحقاد والأضغان.
3- تولد الرغبة بالانتقام.
4- أنَّ ضرر استهزائهم بالمؤمنين راجع إليهم.
5- حصول الهوان والحقارة للمستهزئ.
6- المستهزئ يعرض نفسه لغضب الله، وعذابه.
7- ضياع الحسنات يوم القيامة.
8- تولد الشعور بالانتقام.
9- السخرية نذير شؤم للساخرين، فقد كان الغرق عاقبة قوم نوح الذين كفروا بالله وسخروا من نوح.
10- السخرية تفقد الساخر الوقار، وتسقط عنه المروءة.
11- الساخر يظلم نفسه بتحقير من وقره الله عز وجل، واستصغار من عظمه الله.
12- السخرية تميت القلب، وتورثه الغفلة؛ حتى إذا كان يوم القيامة ندم الساخر على ما قدمت يداه، ولات ساعة مندم:  أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ  
13- السخرية من سمات الكفار والمنافقين، وقد نهينا عن التشبه بهم.
14- الساخر متعرض للعقوبة في الدار العاجلة أيضًا، بأن يحدث له مثل ما حدث للمسخور منه.
15- بعد الناس عن المستهزئ لخوفهم منه، وعدم سلامتهم منه.
16- يصرف عن قبول الحق، واستماع النصح.

- آداب التعامل مع مصائب الآخرين دون سخرية:

يعتقد البعض أن السخرية من مصائب الآخرين أمر بسيط بالنسبة لهم، ولكن لا يعتقدون بأنها تؤثر سلبياً على الشخص الذي حدثت معه المصيبة، لذلك لكل سلوك تم وضع مجموعة من القواعد والأساسيات يجب على كل شخص اتباعها والقيام بها لتجنب خسارة الآخرين بسبب سخريتهم، وتعلم كيفية التعامل مع مصائبهم، ومن آداب التعامل مع مصائب الآخرين دون سخرية ما يلي:

 -   عندما تصادف شخص لديه مصيبة وطلب منك أن تساعده لا يمكنك أن تسخر منه ومن المصيبة التي أصابته، لكن قم بما تستطيع فعله لمساعدته وذلك دون السخرية والاستهزاء منه بأي طريقة سواء قول أو فعل.

 -   إذا قام الشخص بالسخرية من مصيبة الآخرين قد يُبتلى في مصيبة تكون أكبر من ذلك، فيجب على الشخص أن يضع نفسه في نفس الموقف ويفكر كيف سيتصرف مع المصيبة.

 -   يجب عليك أن تُصبرّهم على ما أصابهم من مصيبة، فإن الأحوال متقلبة ومتغيرة فقد تقع أنت نفسك في مصيبة وتضطر إلى طلب المساعدة من شخص آخر.

 -   تعتبر السخرية جالبة للشر وهي سلوك سلبي ويدل على أنك شخص غير سوي، فلا يجب عليك أن تُظهر مشاعر الفرح والسرور عند معرفتك بمصائب الآخرين وما قد حل بهم من مشاكل.

-    في حال تحدّث شخص إليك وكان لديه مصيبة يجب عليك أن لا تقوم بنشرها أمام الآخرين فقد تسبب له الإحراج وتقطع العلاقة التي تصل بينكما.

 -   يجب أن تستمع للشخص الذي لديه مصيبة وأن يكون لديك الحكمة لكيفية التصرف مع المصيبة وأن لا تستهزئ منه، وقد يكون أخبرك الشخص بالمصيبة لشعوره بالثقة بأنك ستستمع إليه وتنصحه بما يفيده دون سخرية.

- أخيراً:
- الأشخاص الذي يخوضون أمامك في أعراض الناس وعوراتهم ،فهؤلاء ينبغي عليك أن تذكريهم بحرمة ذلك الفعل وقبحه وأن هذا من الغيبة المحرمة، فإن لم يستجيبوا لك في ذلك فعليك أن تعتزلي مجالسهم وتقومي عنهم، لأن الإنسان إذا لم يستطع إزالة المنكر عليه أن يزول عنه.

- الحياة قد تنقلب بلحظة، بكلمة، بمكالمة هاتفية، بنتيجة تحاليل، بخطوة خاطئة في الشارع، بموقف، حيث لا قوتك ولا علمك ولا فهمك ولا أموالك ستنفعك أمام أي لحظة من هذه اللحظات، لا أحد يعرف ماذا تحمل معها هذه اللحظات القادمة ؟!، فقل دائماً: اللهم تولني فيمن توليت، ونسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية.
 وقل للشامتين صبرا . . . فإن نوائب الزمان تدور

المراجع:

[لسان العرب لابن منظور (4/352)
[إحياء علوم الدين الغزالي] (ص. 192)
[الفروق، لأبي هلال العسكري، ص. 254]
[الفتاوى الكبرى، 22/6]
[الفروق، لأبي هلال العسكري، ص. 50]
[الفروق، لأبي هلال العسكري، ص. 493]
[جامع البيان، 376/22].
[تيسير الكريم الرحيم للسعدي، ص. 934]
تفسير القرآن العظيم لابن كثير (ص110/7)
[رواه أبو داوود، 4875].
تحفة الأحوذي للمباركفوري (177/7)
فيض القدير (524/5)
[صحيح البخاري، 29] [1] نسخة محفوظة 2020-05-21 على موقع واي باك مشين.
[رواه الترمذي، 3190]
[رواه أحمد، 420/1]
رواه مسلم (2564)
شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (ص 260/6)
[رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق، 170/33]
[رواه ابن أبي شيبية في المصنف، 389/8].
[رواه أبو داوود الطيالسي في المسند، 3/55، 1477].
[شعب الإيمان للبيهقي، 118/9]
[الزهد، لوكيع، 589].
[تنبيه الغافلين، للسمرقندي، ص. 165].
[الجامع لأحكام القرآن، 328/16].
[غذاء الألباب، 134].
[الزواجر، 8/2].
(الإحياء: 3/ 198)
(السلسلة الصحيحة: 1441)
(صيد الخاطر): (ص44)
(ضعفه الألباني رحمه الله في جامع الترمذي: 661)
(سير أعلام النبلاء) : (8/408)
[الصارم المسلول، ص. 31].
[التفسير الكبير، 95/16].
[تيسير الكريم الرحيم] للسعدي، ص. 342]
[الزواجر، 33/2]
[فتاوى اللجنة الدائمة]، [387/1]
[فن الاتيكيت، شيرين المصري، 2016السلوك الاجتماعي للفرد، مأمون طربية،2012تشكيل السلوك الاجتماعي، عبد الهادي نبيل، 2011الاتيكيت فن الأناقة والجمال، غادة سعيد،2021]

عن الكاتب

أ.م.صحفي.إعلامي/عبدالجبار حسين الظفري - En.Abduljabbar Hussien Hussien Aldhufri

التعليقات

-النجاح يحققه فقط الذين يواصلون المحاولة بنظرة إيجابية للأشياء.
-النجاح يتكون من الانتقال من فشل إلى فشل دون فقدان الحماس.
-النجاح هو الحصول على ما تريد، والسعادة أن تريد ما تحصل عليه.
-فقط أولئك الذين يجرؤون على الفشل هم من يصلون إلى النجاح في النهاية.
-سر النجاح في الحياة أن تواجه مصاعبها بثبات الطير في ثورة العاصفة.
-إن النجاح هو محصلة اجتهادات صغيرة تتراكم يوماً بعد يوم.


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

حقوق الملكية م/عبدالجبارحسين الظفري - En.Abduljabbar Hussein Aldhufri