العدل أساس السلام...العدل أساس الحياة
العدل أساس الحكم...والقضاء أساس العدلة
إنَّ العدل أساس الحكم وغايته، ولزاماً على من يجلس في دكة القضاء
أن يمتلك زمام المبادرة ويبذل جهده لتمكين الناس من الحصول على حقوقهم المسلوبة،
وهو بذلك يعكس صورة الإسلام المتبنّي بالكامل لقضايا الإنسان والحامي لحقوقه والمؤتمن عليها،
سواء أكانت حقوقاً ماديةً او معنويةً وسواء أكان الظلم الواقع به ظلماً عينياً أو نفسياً؟!
العدل أساس الملك أو الحكم كما يقول الفيلسوف وعالم الاجتماع عبد الرحمان بن خلدون،
والذي يقول أيضا إن الظلم مؤذن بخراب العمران وبالمفهوم السياسي نهاية الحكم أو الدول،
ولذلك فإن العدالة الاجتماعية هي القاعدة السياسية التي ترتكز عليها الأنظمة السياسية الرشيدة وذات الحوكمة.
يكتسي القضاء اهميته باعتباره الضمانة الرئيسةلاحترام حقوق الانسانوحماية مصالح الافراد والجماعات
والضمانة الاساسية لترجمة مبدأ سيادة القانون على ارض الواقع والقضاء المستقل يشكل حجر الزاوية
في بناء دولة الحق والقانون واحد المقومات الضرورية للنهوض بمجتمع ديمقراطي ومتطور كما يكتسي
القاضي اهميته من اهمية المنظومة التي يعمل من خلالها والتي يشكل فيها القاضي سدا منيعا في وجه الفساد
والاستبداد فبدون قاض قوي وقضاء مستقل لن يكون هناك عدل او احترام لحريات الناس او اعتبار لحقوقهم
ولا حتى سيادة حقيقية للقانون اذ سيختل الامن وينتشر الخوف وتمتهن الكرامات.
فلا عجب أن تجد مظلوماً، أو تسمع بهدر دماء أو ضياع حقوق، في إي بقعه بالعالم ولربما أكثر من ذلك بشاعة ومنكراً
حينما يحتكم مجتمع ما إلى شريعة الإستقواء والإستضعاف شريعة الغاب القوى يأكل الضعيف، ويفتقر إلى القانون الرادع والعدالة التي تعطي لكل ذي حقٍّ حقه، وترسّم الحدود بين الإنسان والآخرعلى قاعدة الإنصاف والإحترام والرعاية، وليس غريباً أن تعاين ضعفاً وقصوراً في بنية التشريعات القانونية الوضعية، وانحيازاً وعنصرية في كثير من الأحيان، ومردّ ذلك كله إلى المشرِّع الإنسان العاجزعن التخلّص من ميوله ومصالحه المتسرّبة ولو خفية إلى مواد تشريعه ونصوصها ـ هذا من جهة ـ ومن جهة أخرى فالسبب يعود إلى طبيعة التشريع الوضعي الذي مهما اتسعت دائرته فلا يمكن أن يحيط إحاطة كاملة بطبيعة الإنسان وحاجاته المتوالية على الدوام.
أخيراً:-
إنَّ تعزيز الثقة بالإسلام وتوثيق عرى الإنتماء إليه يتوقف على الجانب الإجرائي التطبيقي، لأنّ الإنسان المسلم عندما يرى القضاء الإسلامي نصيراً له ومدافعاً عن حقوقه يشتد إيمانه ويزداد إقتناعه وتسليمه، وبنفس الوقت فإنَّ عدالة التشريع تجنّب صاحب الحق الوقوع في الخطأ والمحذور عند شعوره باليأس وفقدان الأمل بتحقيق المرتجى والمأمول.
واذا كان القاضي يدرك في قرارة نفسه انه لا يؤدي عملا نظير اجر ولا وظيفة لقاء راتب بل يحمل رسالة سامية ذات قيمة انسانية
يؤمن بها ايمانا مطلقا تسمو في نفسه لتعوضه معنوياً عن كل الماديات التي تحجب عنه بقصد او بغير قصد او تعطى اليه بتقتير.
ويجب على القاضي أن يدرك أنه يمثل عدالة الله سبحانه وتعالى في الأرض ويتذكر دائماً وأبداً حديث رسول الله صلى الله علية وسلم
عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: اثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ: رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَلَمْ يَقْضِ بِهِ، وَجَارَ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ، فَقَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ، فَهُوَ فِي النَّارِ. رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.